طارق البكري مهندس مقدسي سخر موهبته في التصوير لتوثيق صور المباني الفلسطينية -التي هجر أهلها في حرب عام 48- بشكل تطوعي وعلى نفقته الخاصة، وتمكن في إحدى رحلاته البحثية من اكتشاف ثمانية قبور لجنود أردنيين استشهدوا في حرب النكبة
أقبل مهندس الحاسوب طارق بكري (29 عامًا) من القدس، على مبادرة شخصية منذ نحو أربعة أعوام، بزيارة قرى فلسطينية مهجورة قاطعًا أميالًا كثيرة لتوثيق قصة “الإنسان الفلسطيني في الأرض” بالفن الفوتوغرافي والحكاية.
وبدأ بكري الذي جعل من التصوير هوايته ووسيلته، بالتواصل مع كثير من الفلسطينيين في فلسطين التاريخية والشتات، وكانو يحدثونه عن قراهم وذكرياتهم، سواء ممن عاشوا أحداث الهجرة أو من الجيل الثالث الذي انتقل إليه حب الوطن وحكاياته عبر الأجداد، متمسكًا بـ “حق العودة”، كما وضح لـ شبكة إرم الإخبارية.
وقال :” أقوم بزيارة القرية، وأوثقها بالصورة مع قصة أصحابها، كقصة سيدة فلسطينية لاجئة في الأردن، جاءت لزيارة فلسطين، فاصطحبتها إلى قريتها المهجرة “مغلس” في الخليل، واقتطفت الكثير من الزعتر البري من أرض والدها المهجرة، ووثقتُ حكايتها مع الأرض والزعتر”.
ويضيف بكري، الذي يرفض بيع الصور، وإنما يمنحها مجانًا وبجودة عالية لمن يطلبها، خاصة لأهالي القرى المهجرة نفسها: “تواصلت مع كثير من اللاجئين الفلسطينيين عبر “السكايب”، وكانوا بدورهم يحددون مكان بيوتهم، من خلال صورة لها، فأقوم بزيارتها، والتقاط الصور ثم إرسالها لهم”.
زيارة المخيمات الفلسطينية في الشتات:
ويشير بكري إلى أنه لجأ إلى التوثيق الشفوي أولًا من خلال زيارة المخيمات الفلسطينية في الشتات، والحديث مطولًا مع اللاجئين الذين بدورهم أخبروه عن قراهم كما فعلوا مع أحفادهم، قائلًا “هناك ارتباط فيزيائي ملموس بين الأجداد والجيل الثالث”، مشيرًا إلى أن هذا يساعده في البحث عن القرى والأماكن والتقاط الصور لها.
“قبل وبعد”:
ومن مبادرات بكري التي عمل وما يزال يعمل عليها هي “قبل وبعد” وعنها يوضح: أقوم بالتقاط صورة حديثة لمعلم فلسطيني أو مبنى قام الاحتلال بتغيير أسمائها محاولًا تهويدها، وأضيفُ لها صورة قديمة أحصل عليها من أصحابها قبل احتلالها.
أطول القرى مسيرًا:
كانت خربة “اللوز”، من أصعب القرى الفلسطينية التي وثقها بكري مسيرًا، لأن جهله بتضاريس الطريق أدى به أن يسلك وصديقه طارق عليان طريقًا وعرة مليئة بالغابات وأحيانًا يضطران للتسلق، استمرت لأربع ساعات، وكانا كلما رأيا “سناسل” الحجارة، ونبتة الصبر، والمباني المهدمة، قالا:” اقتربنا، ولم يكونا على علم بأن هناك طريقًا أخرى تستغرق فقط نصف الساعة للوصول إلى الخربة، يقول بكري”.
أصعب القرى وصولًا:
ويبين بكري أن قرية ديرابان في القدس، أصعب القرى وصولًا إلى الآن، لأن الطريق إليها من خلال مستوطنة “بيت شيمش” المقامة على أراضي القرية والقرى المحيطة، مما يحول دون سلوكها كي لا يعرض نفسه للخطر، ويأمل بإيجاد طريق أخرى للبلوغها، وفق قوله.
“حارس الذاكرة”:
وعن الدعم المعنوي أشار إلى دعم عائلته وأصدقائه ومعارفه، بالإضافة إلى دعم جمعية “الحنونة” للثقافة الشعبية في الأردن، التي تطلق موسم “حراس الذاكرة” سنويًا، وتدعوه للمشاركة في معرض له لصور القرى الفلسطينية المهجرة، في المركز الثقافي الملكي، باعتباره حارسًا للذاكرة.
ويطمح بكري بإنشاء موقع إلكتروني للتوثيق وإطلاق تطبيق خاص به.