فكرة نبيلة تتحلى بكافة صفات العمل الإنساني المتحضر والحقيقي، استطاع المواطن الشاب محمود النابلسي أن يدق الأرض وأن يحول هذه الفكرة الى واقع من المأمول أن تثمر بجهود "ترفع الرأس".
ربما استطاع ذلك المقال في صحيفة أجنبية الذي يتحدث عن مقهى في ايطاليا يقدم قهوة مجانية على الحائط للمحتاجين، أن يطلق العنان لرغبة في وجدان الشاب النابلسي بان يقوم بمشروع خيري انساني خارج الاطار التقليدي وقريب جدا من النبل والأخلاق العربية الأصيلة.
هذه الأخلاق التي استثمرها النابلسي بعنوان لمشروعه "عزوتي" حيث قام بانشاء مطعم بسيط يقع في العاصمة عمّان عند درج "الكلحة" لا يعني بالربح المالي بل بتحقيق قيمة التضامن الاجتماعي والتكافل الاقتصادي وذلك من خلال شراء وجبتين بسعر التكلفة "واحدة لك وواحدة لمن يستحقها متى أراد".
على هذا التوجه يقوم مشروع "عزوتي" بحسب حديث للنابلسي والذي أشار الى أنه منذ فترة طويلة يطمح بأن يعيد احياء العادات والتقاليد القديمة "لما كان الصحن رايح جاي بين الجيران ويتشاركوا بالأكل" اما اليوم بحسب ما يضيف: "صار الواحد يعلي سور بيته عشان يحرص انه ما يتواصل مع الجيران".
ليس ذلك المقال عن ذلك المقهى الايطالي هو من حفز النابلسي على البدء بمشروعه فقط، بل أيضا وبحسب ما يشير كان لذلك الوجه المنهك من الجوع من قبل احد كبار السن ال "بلا مأوى" في وسط البلد، عندما اقترب منه النابلسي حيث كان هناك وأشاح الرجل وجهه عنه اعتقادا منه كما يشاع "الي معه مصاري ما بيطلع على الي زيه".
"هون حسيت اني بدي أكون عزوة هاد الرجل" يقول النابلسي مضيفا الى أنه فكر بان يطلق مشروع غير ربحي قادر على اعالة المحتاجين وقادر بالوقت ذاته على تشجيع الشباب الأردني لاستثمار أفكارهم لاعادة احياء روح التكافل الاجتماعي في المجتمع.
فاليوم المجتمع بحسب النابلسي أصبح مجتمع مستهلك غير منتج، متأملا بان يعود الأردن الى زمن الستينات عندما كنا نسمع قصص الآباء والأجداد عن روح التكافل الاجتماعي التي لا تسمح بنوم رجل مسن في الشارع في وسط البلد.
واللافت في مشروع "عزوتي" بساطة ولطافة المشروع حيث يقوم على تقديم مأكولات منزلية من قبل سيدات في محافظتي المفرق وعجلون، بل ان طريقة تقديم الوجبة للمحتاجين راقية ولطيفة أيضا، حيث يقوم الزبون بشراء وجبتين ياخذ واحدة له والثانية يقدمها لمن يحتاج من خلال ورقة يعلقها على حائط المطعم يكتب عليها اسمه اذا أراد ويكتب أيضا: "أنا عازم الي بده الوجبة التانية" بعيدا عن مفردات أتبرع وغيرها التي قد تمس المحتاج."
ويشير النابلسي الى أنه ومنذ أن نشر اعلان مشروعه على صفحته الخاصة على الفيسبوك يوم أمس استقبل العشرات من الاتصالات والرسائل من قبل مواطنين في الأردن وفي الخارج أعربوا عن رغبتهم في مساندة المشروع، ويقول: "في هذا الزمن استغربنا مثل هذه الفكرة بس أيام زمن جدودنا ما كان غريب".
"عزوتي هو مشروع لكل الأردنيين" يقول النابلسي الذي شدد على أنه ابن هذا المجتمع وأن هذه الفكرة قد تلقي بظلالها على أفكار لاحقة من قبل شباب يثبت بأنه قادر على أن يكون جيل منتج وفعال لمجتمعه.ي شحن المواد الخام .
غادة الشيخ
صحيفة الغد الأردنية