في منزله بحي رأس العامود المطل على المسجد الأقصى المبارك بمدينة القدس يمضي المقدسي جميل أبو ماضي (33 عاما) وقته في ممارسة هوايته بالتجارب العلمية، التي نتج عنها حتى الآن ابتكاران سجل أحدهما مؤخرا ببراءة اختراع، ويطمح للابتكار الثالث خلال العام المقبل.
استغرق التخطيط لابتكاره الجديد "تحويل البنزين في السيارات من سائل إلى غاز" ستة أشهر، بينما استغرق تنفيذه وتركيبه على سيارته الشخصية ستة أشهر أخرى، قبل أن يرى النور في جامعة بوليتكنك فلسطين حيث فُحص الجهاز وأُثبت نجاحه.
ولدت فكرة الاختراع من تساؤل خطر ببال أبو ماضي حول إمكان إنتاج غاز من البنزين، وتمكن عبر التجارب من إثبات ذلك واخترع جهازا قال إنه يعمل على تحويل البنزين إلى غاز باستخدام الحرارة، "فالبنزين يغلي على درجة حرارة تتراوح بين 70 و80 درجة مئوية، وبعد غليانه حوله إلى بخار ساخن عبر تمريره بأنابيب نحاسية".
وأضاف أن تسخين البنزين يكون باستخدام عادم السيارة الذي تصل حرارته إلى 300 درجة مئوية، ويكون هذا بتركيب أنابيب نحاسية رفيعة لتمرير البنزين السائل فيها وامتصاص حرارة العادم، وبهذا يغلي داخل هذه الأنابيب ثم يتحول إلى بخار ويمر عبر بخاخات قبل وصوله لحجرة الاحتراق.
تجارب متتالية
وفي معالجته للسلبيات والمخاطر التي تنتج عن تجاوز حرارة البنزين 100 درجة مئوية أشار أبو ماضي إلى أنه تدارك ذلك بتركيب منظم أوتوماتيكي ليبقي درجة حرارة البنزين تحت 90 مئوية عبر خلط الوقود البارد مع الساخن عند الحاجة.
ونجح جميل من خلال اختراعه في تقليل استهلاك السيارة للبنزين بنسبة تتراوح بين 35% و45% وتخفيض التلوث الناتج عن احتراق الوقود إلى 0%، ولإثبات عدم خسارة السيارة من قدرتها فحصها قبل وبعد تركيب الجهاز ليتبين أنها تفقد 5% من قوتها فقط، وهذا حسب أبو ماضي "خسارة لا تذكر أمام كمية توفير الوقود الكبيرة التي حققها الجهاز".
أستاذ المهن التطبيقية في جامعة بوليتكنك فلسطين زيدان طه أشرف على فحص الاختراع في الجامعة، وفي حديثه للجزيرة نت قال إن أبو ماضي نجح في استغلال الحرارة المنبعثة من غازات العادم في تسخين الوقود، وتبين أن كثافة الاحتراق أصبحت أفضل وبالتالي هناك توفير في استهلاك الوقود.
آفاق محدودة
وأكد طه أن القراءات التي حصل عليها أبو ماضي بجهازه الجديد من الممكن أن تقنع شركات تصنيع السيارات بتبني المشروع، مشيرا إلى أن المخترعين الفلسطينيين في هذا المجال يواجهون عقبة كبيرة، وهي أن فلسطين دولة غير مصنعة للسيارات، ولذا فإن الأفق مسدود أمام تطوير الاختراع إلا في حال تبنته شركة مصنعة.
بدوره قال مسجل العلامات التجارية والاختراعات في وزارة الاقتصاد الوطني علي ذوقان إن المقدسي أبو ماضي سجل حتى الآن براءتي اختراع بعد استيفائهما للشروط اللازمة، وأضاف أن عدد براءات الاختراع في فلسطين ما زالت متواضعة.
وفي سعيها لتعريف العالم على المخترعين الفلسطينيين واختراعاتهم، تنشر وزارة الاقتصاد الوطني تفاصيل براءات الاختراع باللغتين العربية والإنجليزية على موقعها الإلكتروني، كما تطبع هذه الابتكارات وتوزعها على المؤسسات المهتمة بالملكية الفكرية.وأشار ذوقان إلى أن للوضع السياسي دورا كبيرا في تحديد أفق انتشار الاختراعات الفلسطينية المحلية.ويضيف أنه رغم أن الكفاءات الفلسطينية في الخارج أبدعت وابتكرت وانتشرت، فإنها محليا تبقى حبيسة بسبب الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك يدعم المخترعون لتمثيل فلسطين في المسابقات الدولية.