ندى العويديدي
تونسية عمري 20 سنة، أدرس إذاعة وتلفزيون وسينما، هوايتي الرسم والخط العربي أعشق التصوير، وحاصلة على حزام أسود درجة 3 في التايكوندو
مواطنة عالمية.. ذلك قدري
ما هو الوطن؟
سؤال حيرني منذ صغري.. منذ أن كنت في المدرسة ويسألونني من أنا ومن أكون. هل وطني هو مسقط رأسي، أم بلاد والداي، أم جنسيتي، أم حيث ترعرعت وكبرت، أم وطني هو قضيتي اللتي رُبيّت عليها منذ نعومة أظافري؟...
واجهني هذا السؤال قبل سنوات عندما شاهدت مبارة لكرة القدم بين تونس والمغرب في عطلة من عطل الصيف في المغرب، فكانت المواجهة.. أي الفريقين أشجع؟ فكلاهما وطني وكلاهما ملتي وكلاهما جزء مني. هل أشجع بلد أمي أم بلد أبي.. وكأن باختياري سأحدد جنسيتي وولائي الكُلِّي لطرف ما وخيانتي الجديرة بالخزي والعار للطرف الآخر... وسرعان ما تحول هذا السؤال الى مسألة حب وبر للوالدين... من تحب أكثر.. والدك أم والدتك؟
لست من متابعي كرة القدم لكن لابد لروح الوطنية أن تتحرك في داخلك كل ما شاهدت مقابلة دولية تتيح لك فرصة الافتخار ببلدك بين الدول العظمى، والشعور بأن بلدك وباقي البلدان سواسية، على الأقل، لا يمنعك من ذلك واقع التبعية وتاريخ الاستعمار. ويُطرح السؤال.. هل رفع رايتك وارتداء ألوانها وإلقاء نشيدك الوطني كافٍ لإبداء وطنيتك؟ هل أصبح الوطن مجرد رموز وألوان وكلمات؟ أم هو روحك وفكرك وقضيتك اللتي تفديها بدمك، إن وجب ذلك، حتى وإن لم تكن تملك شهادة تثبت ولاءَكَ له؟
هل الوطن جنسية وأوراق؟
لفترة طويلة من عمري لم يكن وطني محدداً. أحيانا كنت أقول إنني بريطانية، وأحيانا كنت أعتبر نفسي تونسية وأحيانا كنت أجدها مغربية. كنت أحيانا إذا سئمت شرح من أكون أقول إنني جزائرية. وعندما كنت أُسأل عن لهجتي الغريبة، ويُعرف أنني كبرت في قطر، أُسمى بالقطرية. سُئلت كثيرا إن كنت إندونيسية أم ماليزية أم باكستانية أم مصرية من كثر مخالطتي لأصدقائي الآسيويين والمصريين.
ومما زاد الأمر تعقيدا.. أن كُتب في شهادة حزامي الأسود للتايكوندو انني إيرلندية. وعندما أتحدث تجد كلمات ينطقها لساني من أكثر من لهجة ولغة، وتجدني انتقل بين اللغات وكأنها لغة واحدة.
لفترة طويلة كنت أشعر أنني كبطريق في صحراء... أجد نفسي أجنبية وغريبة حتى مع أقاربي. ولزمن كنت أشعر بعمق تعبير جُملة تقول "ونبقى أجانب في العالمين" حتى صارت تلك الجملة واقعاً أحزنني وأشعرني بالغربة أين ما ذهبت. أما الآن فلم يعد شيء من هذا يحيرني أو يحزنني.. لقد صار كل ذلك مما أعتز به، ويشعرني بأنه ليس لي مثيل.
وطني هو والداي، أصدقائي، قضاياي، ملّتي، ولائي، منزلي ومحيطي، جنسياتي، راياتي، لغاتي ولهجاتي.
باختصار... هذه هي أنا. ندى التونسيّةُ المَغربيّةُ الفِلسطينيّةُ القَطريّةُ البريطانيّةُ المُسِلمَةُ العربيّةُ العالميّة.
أنا الأمم المتحدة تمشي على رجلين.