لم يكن من السهل على أكاديمي يعمل في مهنة الطب تخصص تأهيل الأعصاب "إصابات النخاع الشوكي والدماغ والجلطات الدماغية" أن يترك عمله في عيادته الخاصة ليكرس حياته في المجال الأكاديمي والبحث العلمي وتطوير قدراته البحثية والمهنية بما يسهم في خدمة طلبته وجامعته ووطنه بل وتعداها إلى المستوى العربي والعالمي، وتُوجت إنجازاته مؤخراً باعتماد وحدة البحوث والطب المسند بالبراهين في الجامعة الإسلامية كفرع رسمي لمركز الطب المسند بالبراهين في جامعة أكسفورد- بريطانيا.
الدكتور خميس عبد الكريم الاسي- الأستاذ المشارك في كلية الطب في الجامعة الإسلامية بغزة، رئيس وحدة البحوث والطب المسند بالبراهين، عضو هيئة تدريس في الكلية منذ (10) سنوات، يدرس مساقات علم الأعصاب، والبحث العلمي، وطب التأهيل، وفن التواصل بين الأطباء، في رصيده العلمي (60) بحثاً علمياً، نشر منها (10) أبحاث علمية محكمة مع مجموعات بحثية، وهو عضو منتخب في المجتمع الدولي للحبل الشوكي-مدينة فانكوفر كندا منذ عام 2002م حتى الآن، وعضو الاتحاد العالمي للتأهيل العصبي منذ يونيو 2004م-لندن، وعضو الجمعية الدولية لتشخيص الألم منذ 2006م-سياتل بالولايات المتحدة، وعضو الجمعية الدولية للطب الطبيعي وإعادة التأهيل منذ 2005م حتى الآن-أسينيده-بلجيكا، وعضو الأكاديمية الأمريكية للطب الطبيعي وإعادة التأهيل منذ 2006م-شيكاغو بالولايات المتحدة، والمنسق العام والمدرب الرئيسي للمؤتمر الدولي الأول – الطب المسند بالبراهين-بين التعليم الطبى والممارسة (الإسلامية/ أكسفورد) أكتوبر 2013م، والمنسق العام والمدرب الرئيسي للمؤتمر الدولي الثاني– الطب المسند بالبراهين بين الواقع والمأمول (الإسلامية/ أكسفورد) أكتوبر 2016م.
شهادة تميز- ماليزيا
تأهل الدكتور الإسي من خلال مشاركته في برامج مهنية وتطبيقية عقدت على مستوى دولي للتركيز مؤخراً على علاج الألم ورعاية المرضى من أصحاب الأمراض المزمنة، حيث جرى ابتعاثه بمنحة كريمة من بنك فلسطين لإتمام الزمالة في علاج الألم باستخدام الخلايا الجذعية والبلازما الغنية بالصفائح الدموية في دولة الفلبين، وهناك التحق الدكتور الاسي بالتدريب في مركز آسيا لعلاج إصابات الملاعب والطب الرياضي، وأتم الدكتور الاسي شهرين من التدريب المكثف باستخدام كافة التقنيات الحديثة، وكان معظم المرضى من اللاعبين المحترفين دولياً، ولديهم إصابات في الملاعب وإصابات رياضية بمختلف أنواعها.
وجرى التدريب على أيدى أطباء أكفاء معروفين عالمياً، ومُنح الدكتور الاسي في نهاية البرنامج التدريبي شهادة تميز في حقن المفاصل باستخدام البلازما الغنية بالصفائح الدموية، وتكريم أخر من سفارة فلسطين في دولة ماليزيا لدوره في علاج الكثير من الشخصيات العامة والهامة التي تعمل في السلك الدبلوماسي في دولة ماليزيا.
الزمالة الفخرية- أكسفورد
وفي سياق الرحلة البحثية للدكتور الاسي في بريطانيا، حصل الدكتور الاسي على درجة الماجستير في الطب المسند بالبراهين من جامعة أكسفورد في بريطانيا وهي الشهادة الأولى في العالم العربي والأولى على مستوى فلسطين في مجال الطب المسند بالبراهين، وأوضح الدكتور الاسي أنه تم تكريمه بعد حصوله على درجة الماجستير من جامعة أكسفورد ومركز أكسفورد للطب المسند بالبراهين بمنحه درجة الزمالة الفخرية لجامعة أكسفورد في مجال الطب المسند بالبراهين، وقال :"في الوقت نفسه استلمت الجائزة الأولى في التميز الأكاديمي لعام 2018م من جامعة أكسفورد لمبادرتي في نشر ثقافة علاج الألم والرعاية التلطيفية على مستوى قطاع غزة لفترة العشر سنوات السابقة".
وأضاف الدكتور الإسي :"هذه الشهادة الثانية التي أحصل عليها في نفس المجال، فقد حصلت على شهادة التميز الأكاديمي للعام 2017م لنشري ثقافة الطب المسند بالبراهين في قطاع غزة في ظل الظروف القاسية والإمكانات المحدودة تحت الحصار، وكنت وقتها الأول من ثلاثة أكاديميين قد فازوا بجائزة الإنجاز والإبداع من كلية "كيلوك كوليج" في الجامعة، وبيّنت "أكسفورد" أن التكريم جاء لـجهود الدكتور الإسي في نشر ثقافة الطب المسند بالبراهين".
تأسيس وحدة الطب المسند بالبراهين
أفاد الدكتور الاسي أن وحدة الطب المسند بالبراهين أسست بشكل مبدئي في العام 2009م في كلية الطب بالجامعة الإسلامية بدعم كبير من الدكتور المؤسس مفيد المخللاتي، مشيراً إلى أنه بدأ بتدريس مبادئ الطب المسند بالبراهين في العام 2008م لطلبة كلية الطب من خلال تدريس مساق البحث العلمي وتخصيص بعض المحاضرات للطب المسند بالبراهين، وتابع الدكتور الإسي حديثه قائلاً :" بكل بساطة الطب المسند بالبراهين هو استخدام أفضل البراهين، وأفضل نتائج الأبحاث المحكمة باسترشاد منها لضبط الممارسات الطبية"، مبيناً أن الأبحاث أظهرت الكثير من الممارسات الطبية التي وصلت نسبتها إلى(80%) غير مسندة بأي برهان، وليس لها أي دليل علمي، وإن كان هناك دليل علمي فهو ضعيف جداً لا يؤخذ به ولا يعتمد عليه.
وأكد الدكتور الاسي أنه تم الإعلان رسمياً عن انطلاق الوحدة في العام 2011م، مشيراً إلى أنه ومنذ التأسيس وحتى الآن تم تنظيم أكثر من (10) دورات رئيسة في كافة مناطق قطاع غزة، شارك فيها عشرات الأطباء والاستشاريين والمختصين في هذا المجال، وأضاف الدكتور الاسي :"الآن لا تخلو أي محاضرة في أي مؤتمر طبي من ذكر –يجب علينا تطبيق الدليل في ممارساتنا الطبية، يجب علينا الاستناد إلى الدليل-".
وبين الدكتور الاسي أن الوحدة نشرت عشرات الأبحاث، وأنشأت عشرات الفرق البحثية من طلبة ومهتمين، وقامت بعمل ثورة علمية على مستوى القطاع وعلى مستوى كلية الطب في نشر ثقافة البحث العلمي، والنقد العلمي، وثقافة عدم القبول بأي نتيجة بحثية بشكل عشوائي، وثقافة الحوكمة السريرية في قطاع غزة من خلال المؤتمر الطبي الأول للكلية في العام 2013م، الذي شارك فيه (13) بروفيسوراً من جامعة أكسفورد، والمؤتمر الثاني للطب المسند بالبراهين الذي أقيم في العام 2016م وشارك فيه (11) عضو استشاري من جامعة أكسفورد.
وقال الدكتور الاسي: "بعد أن نجحنا في نشر ثقافة الطب المسند بالبراهين، وبشهادة خبراء من جامعة أكسفورد ، وثقوا في أبحاث منشورة نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، أنهم حاولوا لأكثر من (15) سنة في أن ينشروا هذه الثقافة في فلسطين ولم ينجحوا، وبفضل الدعم من الجامعة الإسلامية نجحنا في نشر هذه الثقافة في قطاع غزة وفي فلسطين"، مشيراً إلى أن الجامعة الإسلامية بغزة حصلت مؤخراً على اعتماد كامل من جامعة أكسفورد- بريطانيا لوحدة الطب المسند بالبراهين في الجامعة الإسلامية كفرع رسمي لمركز الطب المسند بالبراهين في جامعة أكسفورد.
وختم الدكتور الاسي حديثه بأنه يحرص دائماً على مواكبة الجديد في المجال الطبي بما يسهم في خدمه وطنه وأبناء شعبه، وأثنى على جهود ودعم رئاسة الجامعة الإسلامية، وطواقمها الأكاديمية والإدارية والبحثية في تشجيع الباحثين والمبدعين، وتحفيزهم الدائم لبذل المزيد من الانجاز والتميز.