على ناصية الابداع : : حوار جاد مع الفنانة التشكيلية الفلسطينية الاردنية رشا نعيرات .. -حيث لا يحتاج الإبداع أن يترجم للغات .. وتكون القدس متربعة على عرش الألوان
عندما ينظمُ الشاعر قصيدة يبني بأبياته قصرًا على تخوم الشمس، وحين ينثر الأديب حروفه يشكل منها ماهية الحلم فتصلنا على هيئة عطر يتسربل في الأرجاء، ولكن حين تتراقص ريشة فنان على ايقاعات اللون تجمع كل ما نُظم وما نُثر من حروف بضربة لون وفي أي اتجاه كان لتتسلل للروح الألفة و السكينة، ابداع لا يحتاج ليُتَرجَم للغات لكنه يصل بتؤدة إلى كل الكون وبلا استئذان.. هو ذلك النسيم العليل الذي يسافر إلى كل الدنيا ليترك انتعاشا و بهجة في النفس البشرية، يثير الكثير من التساؤلات و يحث من غفِل عن المعرفة للبحث وراء ما يجري في الجزء الغائب من العالم، لنكتشف جميعا أن الفن هو السترة الواقية من مخلفات الجهل والحرب، خاصة عندما يكون هادفا ويحمل رسائلا وطنية و إنسانية باذخة يُحَمِّلها لساعي البريد ليوصلها لكل مكان.
ضيفتنا اليوم هي صاحبة الريشة الساحرة والفكرة العبقرية يستوحي من لوحاتها التعبيرية و السريالية من مخياله الخاص و المميز لقاءنا اليوم يغور في عمق اللون، لنرسم معا لوحة تحدد ملامح فنان مبدع ومتمكن من أدواته يتفنن في نقل مشاهد الحياة للوحات تصرخ جمالا و سحرا، نعم كان لابد أن يكون معنا، وحضورها كان أمنية ومنذ زمن لكن الظروف كانت تفرض علينا التأجيل، و أخيرا رتبنا رزنامة التوقيت هندام أيامها و أرقامها و أعلنت الشمس و القمر تفرغهما لتتابع معنا هذا النجم الساطع في سماء الإبداع.
الفنانه رشا ترسم لمن.؟
انا ارسم للإنسان وأخاطب فيه كل مشاعره واحاسيسه الفطرية وأحاول ان اتحدث بلسانه بلغة اللون والصورة وأنقلها بأمانة وبوفرة
كفنانه تشكيلية كيف ترين الواقع بريشتك؟
ارى الواقع مثاليًا وبإيجابية أراه كما ينبغي له ان يكون او ما يجب ان يكون عليه .. وكأنني اريد احياء المدينة الفاضلة من خلال ريشتي
لكل موهبة وحرفة بدايات فكيف كانت بداياتك مع الفن التشكيلي؟ وماهي الصعوبات التي واجهتك ؟
بداياتي كانت من الصغر انزوي دائما مع القلم ارسم وأتخيل واعتقدت لوهلة انني سأصبح رسامة كرتون وسانتج فلما كرتونيا عربيا ولكنني وجدت نفسي في لوحات الواقعية الكلاسيكية اكثر والتي تتماشى مع نظرتي المثالية للأمور وفرة في التفاصيل ومقاربة للواقع وبعد ان اتقنت ذلك الجانب .. واجهتني مشكلة وهي ايجاد أسلوبي الخاص وهويتي الفنية بعيدا عن النقل .. وكان من اصعب الامور التي أخوضها لان ذلك أرغمني على اكتشاف هويتي كإنسانة ثم لاحقا جاء الأمر بسلاسة وخرجت من ريشتي تلك اللوحات التي تمثلني وتعبر عني .. لوحات انفعالية اكثر وأقرب الى واقعي ومجتمعي ومشكلاتنا وقضايانا
هناك شخصيتان داخل شخصية فكيف توازني بين الفنانه رشا الإنسانة ورشا نعيرات؟
حقيقة لا يوجد توازن هناك دائما تداخل فالفن يتسرب الى حياتي ويملاؤها بالألوان وتسحبني تلك الهواية الى عالم خاص من العزلة النفسية فاستعيد توازني في الحياة عندما تشتد الخطوب .. اما الحياة فأجدها في كل لوحة من لوحاتي مكتوبة .. وقد تلطخت بكل الم وفرحة .. هناك تداخل عجيب بين الإنسانية والفنانة لا يمكن فصلهما ابدا وربما لا اريد ذلك
ما هي القيمه المضافة لعملك التشكيلي الفني وهل تشعرين أن هناك إضافات على صعيدك الشخصي من خلال عملك هذا
ان ما أضيفه اليوم بأعمالي هو ربما صوت إضافي يطالب بحقه فاعتبر نفسي متحدثة بصوت الفلسطينيين وحنينهم للوطن وهذا ما يبدو جليًا في تواجد الأشجار في لوحاتي بكثرة فهي تتحدث عن الجذور وعن العودة .. اما الخيول التي اصر على تصويرها فهي المنقذ الذي تتمثل فيه كل الصفات التي نحتاجها للصمود .. لوحاتي هي هواجس ومخاوف وامال واحلام نابضة بالأمل وهذه اللوحات تمدني برضا تام عن دور أؤديه كممثل عن الإنسان وعن قضية
هل لك من كلمة أخيرة لعشاق الفن التشكيلي , أو رسالة بداخل قلبك ؟
رسالتي لكل فنان وعاشق للفن ان يتفرد وان يجد ذاته وأسلوبه الخاص وان يدافع عنه وان يوجه ريشته بصدقة و أمانة فلغتها واضحة وتأثيرها قوي ولها رسالة قد تنقلها بكل شفافية وهي أمانة ينبغي ان نتحمل مسؤوليتها فهذه الهبة التي وهبها الله لنا ينبغي ان توظف لخدمة الإنسانية وتتجاوز التنفيس والتعبير عن مكنونات واحلام وإبداعات ..