ولد إسماعيل شموط في مدينة اللد، يوم 2 آذار/ مارس 1930. والده تاجر الخضر والفواكه عبد القادر، والدته عائشة الحاج ياسين. أشقاؤه السبعة هم: إبراهيم؛ كوثر؛ جميل؛ ميسّر؛ إنعام؛ جمال؛ توفيق. زوجته الفنانة التشكيلية تمام عارف الأكحل (يافا 1935). أولاده: يزيد؛ بشار؛ بلال.
التحق في سنة 1936 بالمدرسة الابتدائية وبرزت مواهبه في الرسم منذ البداية، فتعهده أستاذه داود زلاطيمو الذي خدم معلّما للفنون في اللد بين 1930 و1948. وكانت لوحاته التاريخية والطبيعية تزين جدران المدرسة. علّمه زلاطيمو الرسم بالرصاص والحبر واستعمال الألوان المائية ونحت الحجارة الكلسية.
بعدما استطاع أن يقنع والده المتدين "بأن الرسم يمكن أن يكون مهنة تدر الربح"، بدأ يزيّن فساتين العرائس بالأزهار والطيور ثم افتتح لنفسه دكانا كانت بمثابة مرسمه الأول، وقد أنجز لوحاته الزيتية من مناظر طبيعية وشخصيات قبيل النكبة (1948).
بعد سقوط اللد في أيدي القوات الصهيونية بثلاثة أيام، في 13 تموز/ يوليو 1948، أُجبر إسماعيل وسكان اللد والرملة على النزوح مشياً باتجاه رام الله، وحُرموا من التزود بالماء. توفي أخوه الصغير توفيق عطشاً قبل أن يصلوا إلى قرية نعلين قرب رام الله. وثّق شموط المسيرة والموت فيها تعباً وعطشاً في لوحات عدة في الخمسينيات من القرن الماضي. ثم لم تلبث العائلة أن واصلت نزوحها باتجاه قطاع غزة حتى استقرت في أولى الخيام التي أصبحت لاحقاً مخيم خانيونس.
عمل إسماعيل بائعاً للكعك مدة عام ثم مدرّساً متطوعاً لتعليم الرسم في مدارس اللاجئين التي كانت عبارة عن خيّم، الأمر الذي أتاح له أن يعاود التصوير وأن يعرض أعماله في إحدى غرف مدرسة خانيونس الحكومية سنة 1950. التحق في العام نفسه بكلية الفنون الجميلة في القاهرة، وعاش على دخله من رسم ملصقات الأفلام السينمائية.
أقام أول معرض عام في سنة 1953 بعدما تجمع لديه عدد من اللوحات تكفي لإقامة معرض كبير، لكنه "لم يملك الشجاعة لإقامة معرض في القاهرة"، فعرضها في نادي الموظفين في مدينة غزة بمشاركة أخيه جميل. في المعرض، قدم إسماعيل 60 لوحة تقريباً كان بينها لوحته الشهيرة "إلى أين" ولوحة "جرعة ماء". واعتبر ذلك المعرض الفني التشكيلي الفلسطيني المعاصر، الأول في تاريخ فلسطين لفنان فلسطيني على أرض فلسطين، سواء من حيث حجمه وعدد الأعمال التي احتواها، والطريقة التي عرضت بها الأعمال وشكل الافتتاح والإقبال الجماهيري.
سنة 1954، أقام معرض "اللاجئ الفلسطيني" في القاهرة مع طالبة الفنون الجميلة آنذاك تمام الأكحل والفنان الفلسطيني نهاد سباسي تحت رعاية رئيس الوزراء المصري جمال عبد الناصر وبحضور القيادة الفلسطينية. ريع مبيعات المعرض، شجعه على السفر إلى إيطاليا ثم ما لبث هناك أن حصل على منحة إيطالية ليدرس في أكاديمية الفنون الجميلة في روما Academia di Belle Arti (1954- 1956). انتقل بعد تخرجه ليعيش في بيروت ويعمل، كأخيه جميل، مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). هناك أقام مع شقيقه جميل مكتباً للرسم التجاري وتصميم الكتب وأغلفتها، وكان منها كتاب تعبوي للجيش اللبناني هو "التنشئة الوطنية الإنسانية".
تزوج زميلته الفنانة تمام الأكحل في سنة 1959، وترافقا في مسيرتهما الفنية والمهنية، فعملا في تدريب معلمي الفنون في بيروت والقدس والضفة الغربية وغزة، وأقاما معارض مشتركة فيها.
واكب إسماعيل وتمام إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية منذ المؤتمر الوطني الأول في القدس سنة 1964، ثم أسسا فيها "قسم الثقافة الفنية" (في دائرة الإعلام والتوجيه القومي، المسماة لاحقاً دائرة الإعلام والثقافة) الذي ترأسه إسماعيل بين سنتي 1965 و1984. بعد إغلاق مكاتب المنظمة في القدس، عاد اسماعيل وتمام سنة 1966 إلى بيروت وتابعا عملهما في مقر المنظمة هناك إلى جانب أشغالهما الفنية الشخصية كرسامين.
أنجز إسماعيل أعداداً لا تحصى من الملصقات والأدبيات التعبوية والتراثية، ونظم مع تمام الأكحل عشرات المعارض السياسية والشخصية المشتركة حول العالم، وشملت المدن التي عرضت فيها أعماله: غزة؛ القاهرة؛ القدس؛ رام الله،؛ نابلس؛ عمّان؛ واشنطن و12 مدينة أميركية أخرى؛ طرابلس الغرب؛ دمشق؛ الكويت؛ لندن؛ بلغراد؛ صوفيا؛ بكين؛ فيينا وغيرها. كما نظّم معارض جداريات "السيرة والمسيرة" في: عمّان؛ أنقرة؛ إسطنبول؛ الدوحة؛ الشارقة؛ دبي؛ القاهرة؛ دمشق؛ حلب؛ بيروت. ومن أبرز أعماله إنشاء قاعة "دار الكرامة" في بيروت التي احتضنت المعارض الموسمية للفنانين الشباب من تجمعات اللاجئين الفلسطينيين، ومعارض التضامن العربية والعالمية.
بادر إسماعيل في سنة 1969 مع عدد من الفنانين الفلسطينيين، إلى تأسيس أول اتحاد عام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين وبقي أمينه العام حتى سنة 1984، كما أسهم في تأسيس اتحاد عام للفنانين التشكيليين العرب في سنة 1971، وكان أمينه العام الأول حتى سنة 1984. بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، 1982، وخروج قوات وقيادات المقاومة الفلسطينية، وإقفال مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية، اضطر إسماعيل الذي بدأت تشتد عليه متاعب قلبه الصحية، إلى النزوح وأفراد عائلته إلى الكويت في سنة 1983 حيث عاشوا احتلال الكويت (1991)، وحرب الخليج الثانية. بعد تحرير الكويت، اضطرت العائلة في سنة 1992 إلى النزوح مجدداً، هذه المرة إلى ألمانيا. وفي سنة 1994 استقر إسماعيل وتمام في العاصمة الأردنية، عمّان.
يعتبر إسماعيل شموط، عموماً، رائد حركة الفن التشكيلي الفلسطيني المعاصرة. وعرف فناناً ملتزماً امتاز بأسلوب واقعي تعبيري مع بعض الرمزية، وقد طغى موضوع القضية الفلسطينية على أعماله التي انتشر بعضها على نطاق واسع في المخيمات والبيوت وأنشطة التضامن في البلدان العربية والعالم، ويمكن اعتبار بعضها من "أيقونات" الشعب الفلسطيني.
لم ينفك شمّوط عن تصوير الخروج من المكان الفلسطيني في لوحات حملت عناوينها معاني طالما تكرّرت في أذهان الناس وفي تجربة الفنان الشخصية مثل لوحة "إلى أين؟" (1953) وكذلك جاءت لوحاته المستوحاة من عالم المخيم دعوة إلى تأمل معنى الانتظار الجماعي كما في لوحة "ذكريات ونار" (1956) أو "سنعود" (1954) أو "عروسان على الحدود" (1962).
حاز "درع الثورة للفنون والآداب"، و"وسام القدس للثقافة والفنون والآداب"، و"جائزة فلسطين للفنون" من منظمة التحرير الفلسطينية، و"جائزة الإبداع للفن التشكيلي العربي" من مؤسسة الفكر العربي. وهناك جائزة سنوية باسمه للإبداع في الفنون التشكيلية الفلسطينية. واقتنت أعماله متاحف عربية وعالمية عدة.
أجبرته مشكلات قلبه على إجراء ثلاث عمليات جراحية حرجة، كانت الثالثة بينها في مدينة لايبزيغ الألمانية والتي توفي في إثرها، يوم 3 تموز/ يوليو 2006. ودفن في عمّان.
من آثاره:
أخرج إسماعيل عدة أفلام تستند إلى تجربته التصويرية، منها: فيلم "ذكريات ونار" (1973) الذي حاز جائزة الفيلم الوثائقي القصير في مهرجان لايبزيغ، ثم فيلم "النداء الملح" (1973)، و"على طريق فلسطين" (1974). وأخرجت نورا الشريف فيلماً قصيراً عنوانه "إسماعيل" عن جانب من حياته في مرحلة اللجوء الأولى في خانيونس.
أرّخ إسماعيل شموط للفنون التشكيلية والتراثية الفلسطينية ونشر عدة كتب وبحوث منها:
"الفنان الصغير". بيروت، 1957.
"الفن التشكيلي العربي المعاصر والفن الفلسطيني". "شؤون فلسطينية"، العدد 11، 1972.
"موجز تاريخ فلسطين المصور". بيروت: منظمة التحرير الفلسطينية، دائرة الإعلام والتوجيه القومي، قسم الثقافة الفنية، 1972.
"تاريخ وحضارة". بيروت: مؤسسة صامد، 1977.
"التراث الشعبي الفني الفلسطيني". "شؤون فلسطينية"، العدد 79، 1978.
"الفن التشكيلي في فلسطين". الكويت، 1989.
إسماعيل شموط وتمام الأكحل. "جداريات السيرة والمسيرة الفلسطينية". عمّان، 2000.
موقع رحلات فلسطينية
https://bit.ly/3bLWti8