عشرون ساعة تمضي بين نهار وليل مقسمة على أيام متتالية يحتاجها كتابة نص مسرحي، نضف إلى ذلك عشرة أيام متفرقة تمضي في التدريبات المكثفة بعد مرحلة تقسيم الأدوار بين الممثلين، لنرى أمامنا عرض مسرحي يعالج في ثناياه قضايا مجتمعية تهم فئات المجتمع المختلفة، ومثال ذلك فرقة مسرح (مسار) في مدينة أريحا، التي تعد نموذجًا ثقافيًا شبابيًا معطاءً، تعالج من خلال عروضها المسرحية قضايا بارزة، وأهمها الشبابية. في الثالث والعشرين من شهر آب العام الماضي، انطلق مسرح مسار بتأسيس من الشاب مالك الغوج ابن(26) عامًا، وشمل(11) عضوًا تراوحت أعمارهم ما بين(13-35) عامًا. ويتحدث مالك الغوج عن بدايته في المسرح قائلا: "منذ صغري وأنا أحب المسرح والتمثيل، أخذت دورات تدريبية لمدة ثلاث سنوات في بلدية أريحا عن العمل المسرحي، وبعد ذلك قررت تأسيس مسرح يضم من هم ملهمين بالعمل المسرحي والفن، وجمعني الله بالأعضاء الحاليين". وأضاف: "في بداية العمل واجهت عدة مشاكل وأولها معارضة الأهل على فكرة تأسيس المسرح باعتبارنا مجتمع شرقي يرفض فكرة الاختلاط، لكن لم يقف ذلك عائقا أمامنا واستطعت اقناع أهلي، وفي كل مرة أنظم فيها عرض مسرحي ادعوهم لرؤية العمل والتعقيب عليه وأخذ الدعم منهم ". وأبرز المشاكل التي تعرضنا لها، عدم ايجاد مكان للتدريب وعرض المسرحيات، وبعد عدة محاولات سمحت لنا بلدية أريحا بعرض المسرحيات في مسرح البلدية، ومن قبلها قدم لنا نادي هلال أريحا تسهيلاته لاقامة التدريبات فيه، وبالاضافة الى ذلك واجهتنا مشكلة المماطلة بالترخيص، فتوجهت إلى الاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين وقدمت لهم أعمال المسرح فثمنوا جهودنا وأثنوا علينا هذا العمل الهادف، ووقفوا بجانبنا الى ان تم الحصول على الترخيص بعد مرور أربعة أشهر، وكنا قد قدمنا ثلاثة عروض متتالية. من الصعوبات التي يعاني منها الفريق، صعوبة إيجاد تمويل لحجز مسرح وشراء بعض الحاجات التي تتعلق بأعمال التجهيز من ديكور وبعض المشتريات، حيث يعمل (الغوج) على توفيرها من ماله الخاص. ويأمل الغوج بأن تصل رسالة المسرح لجميع الفئات العمرية، وأن يكون لديه فروع في مختلف المحافظات الفلسطينية. مسرح مسار كان بالنسبة للشاب وعد المحسيري (20) عامًا بداية لتطوير الذات فقد تمكن من إزاحة الخوف والخجل الذي كان يلازمه في التواصل مع الناس، بالرغم من أنه لم يكن يسمع بهذا الفن من قبل. أما بالنسبة للشابة لسهير برغل(21) عامًا فكان المسرح هدفًا وحلمًا تسعى للوصول إليه، حيث اكتسبت من خلال العروض المسرحية مهارة السيطرة على المشاعر والأعصاب في المسرح وفي الحياة أيضًا. الموهبة لا تعد وليدة اللحظة، بل موجودة بداخلنا منذ طفولتنا، حتى لو اكتشفناها متأخرًا، فمن يمشي في طريق تحقيق الذات واثبات موهبته لا ينظر للعقبات في طريقه، لأنه يعلم أن طريق الأحلام ملبد بالصعوبات، ويعلم أننا نعيش في مسرح كبير اسمه الحياة، يتحتم علينا مواجهتها بكل ما أوتينا من قوة وبكافة السبل