هي السيدة التي احتلّت مكانة متميّزة في مسيرة المرأة الأردنية، وساعدت على بناء أجيال واعدة ومتفوقة؛ وتراهن على أنهم من أفضل القياديين في المجتمع.
عاشت حياتها بين التعليم، وخدمة المجتمع الأردني، ويعتبر نجاحها مفخرة لكل إمرأة أردنية، هدفها الأسمى وحلمها أن ترى الأردن مزدهراً بشبابه، وتؤمن بأن النجاح يأتي بدعم ومساندة الآخرين.
هي سعادة هيفاء نجار المديرة العامة لمدرستي الأهلية والمطران، وعضو مجلس الأعيان الأردني، التي تم اختيارها من قبل مجلة "الأعمال" الأردنية كواحدة من أقوى نساء الأردن، كما اختارتها مجلة "فوربس" باعتبارها واحدة من ضمن ٢٠٠ أقوى نساء العالم العربي.
وليس هناك أفضل من أن نتحدّث عن مسيرتها الحافلة بالعطاء من صيغة "السؤال والجواب"، وهنا نصّ المقابلة:
-حياتك مليئة بالإنجازات العظيمة والمُلهمة، كيف بدأتِ بتحقيق أحلامك؟
أحلامي لم تتحقق بعد؛ الأحلام هي الدافع للإنسان ليعمل ويبدع ويجتهد، إذا شعر الإنسان أن أحلامه تحققت خفتت عنده جذوة المغامرة والإبداع والتجديد، ما زلت أحلم بـ أردن منتج مزدهر أخضر إبداعي ومُبتكر، واحة للديمقراطية والأمنة؛ أردن عادل منصف ومحب يحلّق فيه أبناؤنا وبناتنا وأحفادنا نحو سماء الإبداع ليكون مركزا للابتكار والتميز والتجديد والإبداع في أي مجال من المجالات، ويغدو مركز إشعاع للإنسانية جمعاء.
-ما هي أهم محطات النجاح في حياتك؟
النجاح يكون في بناء العلاقات الإنسانية الطيبة، وبناء جسور الثقة بين الناس، يكون في حماية قيمنا الإنسانية النبيلة، والتفاعل بمرونة وتعلم مستمر ودائم من أجل أن تنضج حكمتنا ويزداد فهمنا للحياة.
"النجاح يأتي من رحلة التعلم والتعرف على الذات وتقييمها بالصبر والتسامح والتأمل والتعلم المستمر"
النجاح لا يكون في تولي المناصب فقط؛ النجاح يكون في مساعدة إنسان على تجاوز التحديات ليعود ويقف من جديد.
النجاح يكون في إنقاذ طالب أو طالبة من التسرب من المدرسة.
النجاح أن تربي أربع بنات وتساعدُهن على شق طريق مستقبلهن.
ولكن إذا اعتبرت أن النجاح في تقلد المناصب ففي تقلدي منصب المديرة العامة للمدرسة الأهلية والمطران، وبشكل خاص مدرسة المطران ذات التاريخ الطويل الثر التي خرّجت قيادات هذا البلد، ونجاحي في عودتها لتحتل مكانتها التي تستحقها، إن نجاحي في الأهلية والمطران يزيد من قدرتي على المحبة والعطاء ويرفع من قيم العدالة والإنصاف لدي، ويزيد من إيماني وتواضعي لأنني كنت محاطة دوما بهذا الكم الهائل من الناس الداعمين المحبين.
شرف تعييني في مجلس الأعيان أعتبره نجاحا للمرأة الأردنية ولي ولكل تربوية، بالإضافة إلى رئاستي للجنة الفنية لجائزة الملكة رانيا المعظمة للمعلم والمدير المتميز، لأنني تعلمت الكثير من عملي في هذه الجائزة وكرّسنا ثقافة التميز في العمل، وعضويتي في صندوق الملك عبدالله الثاني للتميز، وغيرها من العضويات التي أفخر بها وأعتز.
كما أن مساهمتي المتواضعة في تأسيس منصة مجتمعية وهي منصة "تقدم"، والتي تعتبر مؤسسة مجتمع مدني تعمل بجد من أجل أردن ديمقراطي منفتح منتج أخضر وآمن.
"إن النجاح الحقيقي يكمن في المساهمة في حماية أحلام وآمال وطموحات الشباب والشابات"
-هيفاء نجار اسم ساعد على بناء أجيال أردنية صاعدة، ما رأيك بإبداعات أبناء المجتمع الأردني؟
قضيت سنوات عملي كله وأنا أعمل مع الشباب ومن أجل الشباب، والتعليم هو ركيزة أي مجتمع، لأنه يبني الإنسان، ولقد اكتسبت الكثير من القيم من عملي مع الشباب سواء المتعلمين أو المعلمين المتعلمين.
مفخرة كبيرة أن نرى شبابنا يبدعون في مجالات كثيرة؛ يقدمون نماذج للعالم كله بإبداعاتهم في مجالات متعددة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وجود تربة خصبة للإبداع في وطننا تحتاج إلى الدعم والمساندة، وأن الشاب الأردني متميز صبور حالم وطموح، وبهذه المناسبة أدعو كافة القطاعات العامة والخاصة ومنظمات المجتمع المدني إلى تبني هذه الإبداعات ودعمها.
-ما النصيحة التي تقدميها لأبنائك في المجتمع باستمرار؟
أقول لطلبتي باستمرار: "أنتم لستم أرقاماً عابرة"، وفي هذه الجملة تتلخص نصائحي لهم، لأنني أؤمن بأنهم قادرون على التغيير ويتركون بصماتهم أينما حلوا، ويبحثون عن تحقيق أهداف بعيدة كل البعد عن الأهداف المادية، و يحملون وطنهم دائماً في قلوبهم.
أدعوهم دوماً لكي يكونوا مبدعين ورياديين، مفكرين وناقدين، باحثين ومجربين، قارئين ومتعلمين دائماً، بالإضافة إلى التأكيد عليهم بأن يكونوا مواطنين مؤمنين يعملون بجهد دؤوب ليكون الأردن نموذجاً استثنائياً في الازدهار والأمن الاجتماعي والعدالة والإنتاجية والاعتماد على الذات، من خلال فهم الواجبات قبل الحقوق، وحماية الوطن والاحتفاء بمنجزاته، وأن يكونوا قادرين على إيجاد فرص جديدة لتعزيز النمو الاقتصادي من خلال الريادة والإبداع، ونبذ قيم وعادات الاستهلاك.
-ما أهمية المرحلة المدرسية للطلاب؟
مرحلة الطفولة من أهم مراحل النمو الشخصي والاجتماعي والعاطفي. المدرسة لا تقدم معلومات فيزياء ورياضيات وتاريخ؛ المدرسة حياة، يعقد من خلالها الطالب صداقات مع زملائه ومعلميه، يتعلم الحوار وتبني الرأي، واحترام الرأي الآخر، فيغدو في حوار دائم مع ذاته ومع غيره، المدرسة غير التقليدية تفتح للطلبة آفاقاً واسعة للإبداع وتصقل شخصياتهم ومواهبهم.
المدرسة التي نسعى إليها هي مركز للتعلم الدائم المستمر تعلم طلبتها كيف يبقون متعلمين و متحفزين ومشحونين بالطاقة مدى الحياة، المدرسة التي نريد هي التي تشرك طلبتها في اتخاذ القرارات وتشكيل الحياة داخل أسوارها وخارجها، هي القاعدة الأساسية الخصبة التي ينطلق منها الطالب إلى رحاب العالم.
مدرسة المستقبل لا تفتح ذراعيها لطلبتها فقط، بل للمجتمع المحلي أيضاً، بحيث تكون المدرسة مركزاً ثقافياً للتنوير والتغيير والبحث والاستقصاء لطلبتها والمجتمع على حد سواء، تعقد فيها الندوات واللقاءات الثقافية، مكتبتها مفتوحة لأبناء الحي، وقاعاتها تنبض بالحركة والأنشط، . كما أن على المدرسة أن تكون للطلبة منبراً يتحاورون من خلاله بكل شفافية وجرأة، توفر لهم كل ما من شأنه لكي ينطلقوا بعيداً، ويسيروا على طرق خلقوها بأنفسهم ولم تُرسم لهم مسبقاً، وبهذا نبني مواطناً مسؤولاً منتمياً ومنتجاً يخدم مجتمعه بحب وشغف.
-ما السبب وراء نجاحك وتميزك بمكانة المرأة الأردنية؟
وضوح الرؤية لدي حول الأردن الذي نريد، وأنا محظوظة كوني محاطة بالمتميزين من التربويات والتربويين المؤمنين بدورهم الجمعي في بناء الوطن، إيماني بأهمية ما أقوم به، والأمل الدائم بأن الغد أجمل، وأننا قادرون على صناعة هذا الغد بالعمل الصادق والجهد الدؤوب الناتج الذي يبذله فريق عمل محب يسعى إلى المصلحة العامة، ويعمل من أجل تجديد الرؤية والبحث الدائم عن المعنى الحقيقي للعمل، ضمن استراتيجيات عمل واضحة، وضمن خطط زمنية محددة، ومراجعة ذاتية مستمرة، ومساءلة كاملة بحاكمية رفيعة المستوى.
هذا بالإضافة للمحبة المحاطة بها والدعم الوفير من زوجي وبناتي وأصدقائي وزميلاتي وزملائي، والطاقة الإيجابية التي يمنحها لي أردننا الحبيب بصموده وإيمانه بالإنسانية جمعاء.
-ما الذي يحفزك للعمل؟
خدمة هذا الوطن الغالي وشعبه الطيب، والإيمان بالإنسان وأنه يستحق الأفضل دائما، وأن أرى الأردن يشار له بالبنان، ويُتخذ نموذجاً للعالم كله.
-من هم ملهمونك في العمل؟
كل من أعمل معهم يلهمونني، وأتعلم من كل واحد منهم، من طلبتي أتعلم وألهم، من معلمة تعمل في أقاصي الأردن أتعلم وألهم، ومن امرأة تعتاش من مشروع صغير كافحت من أجله ألهم، من زوجي الذي يعمل ليلا نهارا دون كلل أو ملل من أجل تطوير الصناعة الأردنية أتعلم وألهم.
أتعلم و ألهم من أحفادي الذين أحلم بأن يكبروا ويتعلموا في أردنهم الحبيب
المصدر :
https://bit.ly/3h0FSKt