صالحة حمدين (حنتوش)، قصة شعب
من رحم الألم يولد الإبداع، هكذا قيل، و قال الشاعر الفرد موسيه لاشيء يجعلنا عظماء ، غير ألم عظيم”فالكتاب والعلماء والرسامين والفنانين والشعراء يكمن سر إبداعهم هو في معاناتهم مع الآلام .
فالألم الفلسطيني و الواقع المرير الذي يعيشه كل فلسطيني، خلق له نوع من الإبداع سواء في الكتابات الأدبية، التي حرص الكاتب الفلسطيني على نقل معاناة الشعب الفلسطيني للعالم، أو في الاختراعات، أو في الفن، و لطالما استطاع المبدع الفلسطيني أن يترجم الألم الذي في داخله إلى إبداع .
فهذه ابنة فلسطين صالحة حمدين التي استطاعت الفوز بجائزة هانز كريستيان الدولية في القصة القصيرة من بين 1200 مشترك حول العالم، استطاعت من خلال قصتها، نقل معاناة شعب يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة؛ بسبب وحشية الاحتلال الذي فُرض عليه، تقول صالحة في إحدى المقابلات الصحفية ( بدي وصل رسالة للأطفال أنهم يعني يتعلموا حتى أنهم يحققوا أشياء في فلسطين و الوطن العربي) وقالت أيضا (كتبت القصة عشان كنت حابة أوصل وضع أبو هندي لبرة 'للخارج'. بس ما قدرت أوصله إلا عن طريق كتابة القصة) . وقال داود أسمر مدير مدرسة عرب الجهالين (لاحظنا أنها تملك إمكانيات هائلة في كتابة هذه القصص فوجهناها وأرشدناها بالمشاركة في المسابقة) .
صالحة التي تعيش في وادي أبو هندي وهو جزء من مجمع عرب الجهالين البدوي الذي يعيش في المنطقة (ج) بالضفة الغربية الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية.
يذكر ان صالحة كتبت قصتها وفازت بالجائزة قبل سنوات، لكن قصة شعبها لازالت على حالها ولازال "حنتوش" يحمل احلام الأطفال بالحرية كل يوم.
تقول صالحة في قصتها :
اسمي “صالحة”، أنا من مدرسة (عرب الجهالين)، أعيش في خيمة صغيرة في (وادي أبو هندي)، عمري 14 سنة. في النهار أدرس في مدرسة القصب، وقد صنعوها من القصب لأن الجنود أعلنوا أن أرضنا منطقة عسكرية مغلقة، حيث يتدربون على إطلاق النار في منطقة الزراعة.
يعيش معنا في الخيمة سبعون نعجة، وأقوم أنا بحلبها بعد أن أعود من المدرسة، وأصنع الجبن ثم أبيعه لأهل المدينة.
الطريق هنا وعرة لأن الجنود يمنعوننا من تعبيد الطريق، ويتدربون على إطلاق النار في الليل، وأنا أكره صوت الرصاص، أكاد أجن منه، فأهرب، نعم أهرب.
لا يوجد لدي دراجة هوائية، لأن الطريق وعرة، ولا سيارة عندي ولا طيارة، لكن عندي شيء أستخدمه للهروب. اقتربوا، اقتربوا، سأوشوشكم سراً، عندي خروف يطير اسمه “حنتوش”، لونه أسود وأذناه طويلتان، له جناحان سريّان يخبئهما داخل الصوف، ويخرجهما حين أهمس في أذنيه يا حنتوش يا خروف أطلع جناحيك من تحت الصوف أغني في أذنيه، فيما يبدأ الجنود بالتدرب على إطلاق الرصاص، وأركبه ويطير بي، والبارحة هربنا إلى برشلونة. سنقول لكم شيئاً، في (وادي أبو هندي) لا يوجد ملاعب أصلاً، لأن الأرض مزروعة بالألغام.
وفي (برشلونة) قابلنا “ميسي” صاحب الأهداف الكبيرة، لعبنا معه لساعات طويلة، خروفي “حنتوش” كان واقفا حارساً للمرمى، وأنا أهاجم “ميسي” وفريقه، أدخلنا في مرماهم خمسة أهداف.
أراد “ميسي” أن يضمني أنا و”حنتوش” إلى فريق (برشلونة) لكننا رفضنا، نريد أن نعود إلى (أبو هندي) لأن الأغنام هناك تنتظرني فلا يذهب أحد غيري ليحلبها، فأبي في السجن منذ ست سنوات وبقي له تسع عشرة سنة. سأقول لكم سراً: أخبرني “ميسي” انه سيزور (وادي أبو هندي) بعد سنتين.
سنقيم مونديال 2018 في (وادي أبو هندي)، سننظف معاً الأرض من الألغام، وسنتبني أكبر ملعب في العالم، وسنسميه “ملعب حنتوش”، وسيكون الخروف شعار المونديال.*
وأهلاً وسهلاً بكم جميعاً في (وادي أبو هندي)، نحن جميعاً بانتظاركم.
هذه قصة الطفلة الفلسطينية، و برغم من بساطتها؛ لكنها تحكي قصة شعب .
نفتخر بابنة فلسطين صالحة، و نتمنى لها مزيد من التألق و النجاح و الإبداع .
و سوف يستمر الشعب الفلسطيني بناضله من كل الجوانب المتاحة له، إلا أن ينتزع حقوقه و حريته من المحتل الغريب . فلا بد للقيد أن ينكسر