من الرعيل الثاني الذين خدموا التعليم في مملكة البحرين، ذو مواقف إنسانية جمّة، يعرفه كل من درس في الأقسام التجارية أو انتسب إلى جامعة بيروت العربية وتحديدًا في كلية التجارة، فكان للطلاب مثل الأب يعرفه كل أبناء البحرين قاطبة لأفعاله المتميزة، والتي يشهد لها القاصي والداني، متمكن من مادته العلمية، يُؤثر الناس ولو على نفسه، إداري متميز متواضع ومتعاون، يُقدم عمله لوجه الله لا يريد جزاءً ولا شكورًا، وخاصة إنه دائمًا ما يكون متطوعًا لتدريس الطلبة، إذ قلما نجد مثله، فهو الخبير والمعلم والمدير والرئيس، عرفته عن قرب في اللقاءات التربوية والمؤتمرات الداخلية، فهو تربوي بمعنى الكلمة، إنه الأستاذ أمين محمد أحمد حليوة.
جاء الأستاذ أمين حليوة من حي الشجاعية مسقط رأسه ليساهم في تاريخ التربية في مملكة البحرين، ولد في 11 من شهر يونيو من عام 1940م، حيث درس في مدارس غزة، فكانت مدرسة الجرن محطته الأولى التي درس فيها المرحلتين الابتدائية والإعدادية، أما المرحلة الثانوية فكانت في مدرسة ثانوية فلسطين وهي محطته الثانية، حيث أكمل الثانوية العامة قسم العلمي تخصص أحياء عام 1957م، هذا التخصص قاده للالتحاق في جامعة عين شمس ليتخصص في إدارة الأعمال، حيث تخرج عام 1962م ليعمل بعد تخرجه مباشرة معلمًا للمواد التجارية بمدرسة ناصر الثانوية بمدينة غزة في العام الدراسي 1962 / 1963م.
في العام الدراسي 1963 / 1964م تعاقد الأستاذ أمين حليوة مع بعثة البحرين في غزة كمعلم للمواد التجارية، إذ عُيّن في القسم التجاري بمدرسة المنامة الثانوية عندما كان مديرها الأستاذ عبدالملك الحمر رحمه الله، بعدها رُقي لمعلم أول ثم لمدير مساعد للقسم التجاري في المدرسة.
عندما أُنشئت مدرسة الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل خليفة الثانوية للبنين، تمّ نقل القسم العام إليها، حيث أصبحت مدرسة المنامة الثانوية تجارية فقط (وهي أول ثانوية تجارية في مملكة البحرين)، إذ عُيّن الأستاذ أمين حليوة مديرًا لها عام 1977م، بعدها رُقي الأستاذ أمين حليوة ليُعين رئيسًا للتعليم الثانوي التجاري.
لقد عمل الأستاذ أمين حليوة مع خبرات تربوية بحرينية، حيث اكتسب الكثير منها في الإدارة المدرسية مثل الأستاذ عبدالملك الحمر رحمه الله، الأستاذ جميل الجشي رحمه الله، الأستاذ محمد عبدالله رضا السعد، والأستاذ عبدالعزيز السماك.
وعندما شرعت الدولة في مشروع تدريب عشرة آلاف متدرب، كانت مدرسة المنامة الثانوية التجارية مقرًا لهذا المشروع عندما كان الأستاذ أمين حليوة مديرًا لها، ونظرًا لحبه إلى العمل ومساعدة الآخرين شرع مع المرحوم الأستاذ محمد فرغلي في تنظيم دراسات للطبة من المنتسبين لجامعة بيروت العربية عام 1966م، واستمر المشروع حتى عام 1999م، عطفًا على تنظيم المدرسة لدروس مسائية لطلبة المنازل وطلبة التقوية في المرحلة الثانوية، حيث كانت المنامة التجارية في عهد الأستاذ أمين حليوة قبلة للطلبة الدارسين ذكورًا وإناثا.
لقد تخرج على يد الأستاذ أمين حليوة العديد من الطلبة الذين تبؤوا مناصب عليا في الدولة على المستولى الحكومي والخاص من شمال البحرين إلى جنوبها من شرقها إلى غربها، نذكر على سبيل المثال لا الحصر الأستاذ جميل محمد حسن حميدان وزير العمل والشؤون الاجتماعية، الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد الآسيوي، الأستاذ حسن جمعة الرئيس التنفيذي لبنك البحرين الوطني، الأستاذ عبدالرزاق القاسم الرئيس التنفيذي لبنك البحرين الوطني، رجل الأعمال عبدالحميد عبدالجبار الكوهجي، رجل الأعمال عبدالله بوهندي، الأستاذ درويش المناعي عضو مجلس الشورى، وغيرهم.
هذا التميز عطفًا على شهرته في الأوساط التربوية والتعليمية قاد الأستاذ أمين حليوة إلى العمل بعد التقاعد عام 2000م في جامعة البحرين قرابة ثلاث سنوات بالعمل الجزئي، إلا أنه وبطلب من الأستاذ حسن المحري التحق بمدرسة النور العالمية (مدرسة خاصة وطنية) لينقل خبراته لهذه المدرسة عام 2005م حتى الآن، وفي هذه المدرسة كان للأستاذ أمين حليوة دور بارز في إلحاق القسم الثانوي فيها بنظام المقررات، حيث تخرجت المجموعة الأولى في العام الدراسي 2007 / 2008م.
لقد بدأ الأستاذ أمين حليوة عمله في المدرسة مشرفًا إداريًا ثم مديرًا مساعدًا للقسم العربي ثم مديرًا للقسم ذاته وأخيرًا مديرًا للمدرسة ولا يزال.
وإذ نظرنا إلى مشوار الأستاذ أمين حليوة في العمل التربوي الذي امتد إلى 58 عامًا، يحق لنا أن نضعه في موسوعة جينيس باعتباره أكثر شخص قضى هذه المدة في العمل التربوي والتعليمي.
لقد كُرِمَ الأستاذ أمين حليوة من قبل الدولة لبلوغه 30 سنة من العمل في وزارة التربية والتعليم.
كانت للأستاذ أمين حليوة مشاركات في المؤتمرات وورش العمل واللقاءات التربوية والتطويرية وخاصة في مجال نظام المقررات والتقويم التربوي، وقدم أوراق عدة وأبحاث واستشارات في مجال تخصصه والمجالات التربوية الأخرى.
وبهذا العطاء المتميز والمميز الذي فاق التصور إن صح التعبير، والذي يشهد له تاريخ التربية منذ أن وطأت أقدامه قادمًا من غزة حتى يومنا هذا، ندعو الله العلي القدير أن يمد في عمر الأستاذ الجليل والمربي الفاضل أمين حليوة.